تعديل قانون التجارة البرية الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 304 تاريخ 4/12/1942 وتعديلاته، وإضافة أحكام جديدة عليه، وتعديل المادة 844 من قانون الموجبات والعقود
الأسباب الموجبة
إن قانون التجارة البرية الصادر عشية الاستقلال (14/12/1942) تضمّن القواعد الأساسية التي ترعى الأعمال التجارية والتجار والشركات والسندات الخ… إلا أنه خضع لتعديلات هامة اقتضتها طبيعة التطورات الاقتصادية المتلاحقة طيلة أكثر من نصف قرن، فأدخل فيه قانون المؤسسة التجارية وقانون الشركات المحدودة المسؤولية (1967) كما أضيف إليه قانون التمثيل التجاري (1967 المعدل سنة 1975) وقانون نظام الشركات القابضة وقانون نظام شركات الأوف شور (1983) الخ… كما أن الأحكام المتعلقة بالشركات والسندات شهدت تعديلات متكررة نتيجة لتسارع التطورات الاقتصادية المنوه بها، وهو الأمر الذي أملى حاليا ضرورة وضع اقتراح القانون المرفق الذي انطلق من مشاريع عديدة سابقة رمت بدورها إلى تعديل قانون التجارة البرية، لا سيما منها مشروع القانون المحال الى مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 1270 تاريخ 10/9/1999، هذا فضلا عن التعديلات التي اقترحتها لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط. وقد أخذ الاقتراح بالاعتبار أيضا ما تجلى بنتيجة التجربة والتطبيق الفعلي من ضرورات التعديل من جهة وحسم بعض النقاط التي كانت مثار جدل من جهة أخرى، ومنها على سبيل المثال:
أولا: في الشركات على وجه عام
– اعتبار الشركات التجارية على اختلاف أنواعها منحلة إذا قل عدد الشركاء عن العدد المفروض قانونا، وذلك مع المحافظة على حقوق الغير، ومع وجوب إعلان الحل بحكم يصدر عن المحكمة المختصة التي يحق لها منح الشركة مهلة ستة اشهر على الأكثر لتصحيح وضعها (المادة 42).
– تحديد الاساس القانوني لجنسية الشركات واعتبار الشركات المؤسسة في لبنان من الجنسية اللبنانية بالرغم من كل نص مخالف (المادة 43).
– تحديد منطلق تاريخ اكتساب الشركة الشخصية المعنوية منعا للالتباس، وتكريس الاجتهاد الذاهب إلى اعتبار شخصية الشركة مستمرة في حال تعديل شكلها أو
– تمديد أجلها، وتبيان مسؤولية العاملين باسم الشركة قبل إنجاز عملية التأسيس (المادة 45).
ثانيا: في الشركات المغفلة
– اعتبار الشركة المغفلة هي شركة يكون رأسمالها مقسماً إلى أسهم، أي أسناد قابلة للتداول، وهي تعمل تحت اسم تجاري وتؤلف بين عدد من الاشخاص لا يقل عن ثلاثة يكتتبون بأسهم، ولا يكونون مسؤولين عن ديون الشركة إلا بقدر مقدماتهم. (المادة 77)
– تشديد نص المادة 78 بحيث أصبح يجب أن يكون ثلث رأسمال الشركات المغفلة التي يكون موضوعها استثمار مصلحة عامة أو مرفقا عاما أسهما إسمية لمساهمين لبنانيين طبيعيين أو لشركات يتكون رأسمالها من حصص أو أسهم إسمية عائدة ملكيتها بالكامل لأشخاص لبنانيين ويحظر نظامها التفرغ عن الحصص أو الأسهم فيها إلا لأشخاص لبنانيين، واعتبار أن أي تفرغ عن هذه الأسهم بصورة مخالفة لأحكام الفقرة السابقة يكون باطلاً بطلانا مطلقا. (المادة 78)
– تخفيف وسائل النشر والإعلان تجنبا لإرهاق الشركات، وفي المقابل ترتيب بعض النتائج القانونية بحق من يخالفون موجب النشر والإعلان (المادتان 101 و102).
– ضبط مسألة إقدام الشركة على ترتيب حقوق أو منافع للمساهمين على موجوداتها، ومسألة شراء الشركة بعض أسهمها بالمال الاحتياطي الحر (المادة 115).
– إضافة فصل جديد يتعلق بالأسهم التفضيلية (وضع بعد المادة 121) بحيث يتضمن المواد: 121 مكرر 1 إلى 121 مكرر 12، وذلك للأسباب الآتية:
1 – تعتبر الاسهم التفضيلية نوعا من انواع التمويل الذي تلجأ إليه الشركات لتعزيز أموالها الخاصة. وهذا النوع من الاسهم معروف جداً على الصعيد العالمي وتم استعماله بنجاح في القطاع المصرفي اللبناني بعد صدور القانون رقم 308 تاريخ 3/4/2001 الذي أتاح للمصارف اصدار اسهم تفضيلية بشروط معينة مما سمح لها بالتوسع وبرفع نسبة ملاءتها انسجاما مع المتطلبات الدولية.
2 – يتمتع السهم التفضيلي بعدد من الخصائص:
– ان عملية اصداره غير مكلفة ولا تتطلب الكثير من الوقت.
– انه يؤمن عائدا ثابتا، محددة شروطه مسبقا من المصدر.
– أنه يسمح للشركات ذات الطابع العائلي بالمحافظة على هيكليتها كونه يجيز عدم اعطاء صاحب السهم حق التصويت في الجمعيات العمومية العادية غير العادية للشركة المعنية وعدم تولي عضوية مجلس الادارة.
3 – تحديد الاحكام التي ترعى انشاء الاسهم التفضيلية في الشركات المغفلة لجهة اصدارها والاكتتاب بها وتوزيع أنصبة الارباح وتحويلها الى أسهم عادية وشرائها بغية الغائها.
4 – من أهم خصائص هذه الاسهم:
* انها تخول صاحبها الحق في قبض أنصبة الأرباح وحق الافضلية في الاكتتاب عند زيادة رأس المال والحق في استرداد قيمة السهم الاسمية وحق اقتسام موجودات الشركة وحق التفرغ عن اسهمه.
* ان انشاءها يقتضي أن يقترن بموافقة الجمعية العمومية غير العادية التي تقرر الامتيازات أو الحقوق أو المنافع المادية التي تتمتع بها هذه الاسهم.
* أنه يتكون من أصحاب الاسهم التفضيلية جمعية خاصة تتولى متابعة مصالحهم ولها أن تصدر رأياً استشارياً أو أكثر في المواضيع المعروضة على الجمعية العمومية لمساهمي الشركة أو في أي موضوع ترى وجوب ابداء الرأي فيه.
– تمكين عضو مجلس الادارة المستقيل من الطلب مباشرة من أمانة السجل التجاري تسجيل استقالته في ملف الشركة، وذلك تسهيلا لإعمال قواعد المسؤولية لدى ارتكاب المخالفات من قبل مجلس الإدارة (المادة 152).
– تشديد نص المادة 174 بحيث يكون مجلس الادارة والمدير العام ملزمون بتزويد مفوضي المراقبة بجميع المعلومات والمستندات والاوراق والصكوك والسجلات الحسابية اللازمة لهم لإتمام اجراءات واعمال التدقيق وذلك في أي وقت من السنة. (المادة 174).
ثالثا: في الشركات المحدودة المسؤولية
– خفض عدد الشركاء في الشركة المحدودة المسؤولية، واعتماد مبدأ شركة الشخص الواحد المعتمد في بعض البلدان، وتعديل المادة 844 من قانون الموجبات والعقود لتصبح على النحو الآتي:
«الشركة عقد متبادل بمقتضاه يشترك شخصان أو عدة اشخاص في شيء بقصد ان يقتسموا ما ينتج عنه من الربح.
يمكن، في الحالات المنصوص عليها قانونا تأسيسها بعمل صادر عن ارادة شخص واحد». (المادة 92)
– كما وتعديل المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي 35 تاريخ 5/8/1967 لتصبح على النحو الآتي: «الشركة المحدودة المسؤولية هي شركة تجارية تؤلف من شريك أو عدة شركاء لا يتحملون الخسائر وإلا بمقدار مقدماتهم.
في حال الشركة المؤسسة من قبل شخص واحد، يسمى هذا الشخص «الشريك الوحيد». يمارس الشريك الوحيد الصلاحيات المعطاة لجمعية الشركاء». (المادة 93)
– تعديل عدة مواد في المرسوم الاشتراعي 35 تاريخ 5/8/1967 لتتناسب مع التعديلات الجديدة.
رابعا: في اندماج الشركات وإنشطارها
– إضافة باب تاسع إلى الكتاب الثاني من قانون التجارة يتعلق باندماج الشركات وانشطارها.
خامسا: في إيصالات الإيداع العمومية
أضيف الى الكتاب الرابع من قانون التجارة البرية باب جديد (الباب السادس) يتعلق ب «إيصالات الإيداع»
وتهدف إيصالات الايداع العمومية الى توفير التمويل للشركات التجارية كما تسمح لها بالانتشار في الخارج لأن هذه الايصالات تكون قابلة للتداول في الاسواق المالية المنظمة في الداخل كما في الخارج.
ينتشر عالميا استعمال هذا النوع من الإيصالات بشكل واسع، وقد أجاز مصرف لبنان للمصارف وللمؤسسات المالية شراء شهادات إيداع عمومية مرتبطة بأسهمها ضمن ضوابط وأطر محددة بموجب القرار الاساسي رقم 7431 تاريخ 29/10/1999 .
يتيح اصدار شهادات الايداع العمومية، بشكل خاص، ما يلي:
– انه يسمح للشركات بالدخول الى الاسواق المالية العالمية
– انه يساعد الشركات على الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها
– انه يحفز على الاستثمار في لبنان من قبل المستثمرين الاجانب الذين يودون تنويع استثماراتهم بغية الحصول على منفعة مادية مرتبطة بأرباح شركة محددة دون التدخل المباشر في ادارتها.
– أنه يشكل احدى الوسائل التي تحفز على زيادة رساميل الشركات
ان المواد المقترحة تحدد بوضوح الاحكام التي ترعى انشاء إيصالات الايداع العمومية. من أبرز خصائصها ما يلي: أنه يناط اصدارها بمؤسسة مصرفية أو مالية، ولا تتجاوز نسبتها الثلاثين بالمئة من مجموع الاسهم المكونة لرأسمال الشركة المصدرة، مع امكانية استبدالها بأسهم وفق شروط معينة.
سادسا: في حقوق زوجة المفلس
لقد جرى وضع أحكام جديدة ترعى حقوق زوجة المفلس، وذلك انسجاما مع أحكام الاتفاقيات الدولية التي أبرمها لبنان والتي تهدف الى المساواة بين النساء والرجال، فجرى تعديل المواد من 625 إلى 629 وفق المبادئ الآتية:
– إبقاء أموال الزوج غير المفلس، المنقولة منها وغير المنقولة، خارج موجودات التفليسة.
– اعتبار أموال الزوج غير المفلس التي يثبت أنها مشتراة بنقود المفلس خلال السنوات الخمسة السابقة لتاريخ إعلان الإفلاس من ضمن موجودات التفليسة.
– إمكانية إثبات الواقعة المتقدم ذكرها بجميع طرق البينة المقبولة في المواد التجارية. على أن يُعدّ إثباتاً كافياً مجرد إقامة الدليل على أنه لم يكن للزوج غير المفلس أية موارد شخصية بتاريخ تملك تلك الأموال، ما لم يقدم هذا الأخير برهانا على العكس.
– اعتبار العقارات التي يملكها الزوج الذي يصبح تاجرا أو التي آلت اليه عن طريق الإرث أو الهبة بين الأحياء تكون هي وحدها خاضعة للتأمين الإجباري المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة /131/ من قانون الملكية العقارية الصادر بالقرار رقم 3339 .
سابعا: في المسائل الأخرى
– تعديل مقدار المبالغ المتنوعة سواء لجهة الرساميل أو الغرامات أو سواها بما يتلاءم مع الأوضاع النقدية الحالية.
– استحداث باب جديد يعالج اندماج الشركات وانشطارها، وتضمينه أدق التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع.
– اعتماد مبدأ صحة البند التحكيمي المدرج في عقد التمثيل التجاري شرط إخضاع العقد للقانون اللبناني. وفي ذلك ما يضع حدا للتباين الاجتهادي حول هذه المسألة، وما يراعي مصلحة الممثل التجاري القائمة على تطبيق القانون اللبناني باعتباره قانونا حمائيا. وهذا التعديل يراعي في الوقت نفسه مقتضيات التجارة الدولية.
– تحديد وتفصيل الجرائم المالية وعقوباتها وسائر الأحكام المتعلقة بها واستحداث جريمة إساءة استعمال أموال الشركة Abus de biens sociaux
وجريمة نشر ميزانية وحسابات غير صحيحة وجريمة استعمال القيمين على الشركة لأموال يعرفون عدم مشروعية مصدرها.
هذه هي الخطوط الكبرى الاساسية التي تضمنها اقتراح القانون. ولا بد من الاشارة إلى أنه انطوى، فضلا عن ذلك، على أحكام تعديلية أخرى طاولت بعضها ورفع مقادير الغرامات في بعض المواد، وتناول بعضها الآخر بعض الصياغات لمزيد من الدقة والتوضيح في النصوص.